بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة مفتوحة
أنا طفل أبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً، عنواني كل مكان يعيش فيه طفل فلسطيني، بيتي كل شبر من أرض المعراج، أمي كل من فقدت ابناً، وأبي كل أسير أنهك الجلادين بصبره، وأخوتي كل من عرفوا اليتم مبكراً، ثرى وطني مهدي وحلمي بوطن مستقل هو دثاري، هذه بياناتي الشخصية وبيانات كل طفل فلسطيني.
أتحدث بصفة الطفولة حسبما يفيد سني، رغم أني وبفضلكم فقدت كل عناصر الطفولة وتخطيت - كباقي أطفال شعبي- مراحل عدة من تسلسل الزمن، نبدأ المشي في المنزل وتستقيم خطانا في مواقع المواجهة، نحاول أن ننطق بكلمة "أمي" فإذا بنا نردد صيحات الغضب.
فكيف لنا أن نسمى أطفالاً؟
فقد طالت آلتكم العسكرية أمننا وهددت طمأنينة نفوسنا، نستيقظ صباحاً على الاقتحامات، ونمضي يومنا بين أنقاض المنازل وأشلاء الشهداء، يقتل أخوتنا ويعتقل آباءنا، نبيت على ذل الآباء واحتقار الأهل.
فكيف سنتعلم الحب وقد أجبرنا على الكراهية، دعونا نتعلم الحب ولا تدفعونا إلى الكراهية، وحتى في ليلنا الطويل وعندما نغفو لدقائق تزورنا الكوابيس المزعجة نرى الجنود يقتلون ويهدمون ويعتقلون.
فماذا جنينا معشر أطفال فلسطين؟ أنهدد شعبكم؟ أنسحق براءة أطفالكم؟ أنروع ليل أُسَرِكم؟
بماذا استحققنا كل هذا العذاب؟ ولما أُجبرنا على تجاوز الأزمان؟ أَلِنَعيشَ هماً يكبرنا عقود؟ أم لِنخْضع لضغوطٍ لم يعرف لها أطفال العالم طريق؟
أولمرت………….......
هل من إجابة على هذه الأسئلة؟ لا أظن ذلك وأنتم في أبسط حقوق الطفولة ميزتم بين سن الطفولة عند أطفالكم وبين سن الطفولة لأطفالِنا.
أولمرت………….......
أكنت تشعر بالطمأنينة لو عاش أطفالكم هذا القتل اليومي؟ أكنت تقبل أن يفقد أطفالكم معنى الطفولة؟ فلا أب يُشعرُك بالأمان، ولا أم تُحيطك بالحنان، ولا مدرسة تحفظ حُرْمَتُها ولا زميل في الصف يُؤكد عودته في الغد إلى الدراسة.
أطفال العالم يعيشون الآمان، يحظون بالرعاية والسلام، يتعهدهم الكثيرون بمتع الحياة المختلفة، ينالون أوقاتاً للعب والمرح، فلا خوف على أحدهم في ساحة بيته من قذيفة مدفع، ولا في مدرسته من إسقاطات طائرة حربية، ولا في الحديقة العامة تطاله رصاصة قناصٍ متمرس على القتال، فلهم المتعة ولنا الرصاص، يحظون بالمرح ونحظى بالبكاء، ينالون النزهات والرحلات ولنا أَسرّة المستشفياتِ، هذا ما يجيش به قلب صغير نابض.
أين العدل فيما سمعت، وأين المنطق فيما نويت، ألك قلب كقلوب البشر أم بين أضلاعك ما قُدّ من صخر، إن قبلت هذا لأطفالك فلا حرج عليك فيما تصنع.
وإلا فما ميزان الحكم عندك؟ أغرور الحكم في نفسك؟ أم طموحات جنرال تشرّبَ بحب الدم الفلسطيني المسلم منذ عقود؟
نختم بصرخة: كفى …… كفى …… كفى
أَبْعِدْ مستقبل أطفالنا عن رغبات نفسك ......... وأبتعد بقوة آلتك عن أجسادنا الصغيرة لأن هذا الطفل سيكبر وسيكبر معه هذا الدمار الذي تخلفه في نفسه، سينشأ بلا أب ولا أخ يرعاه، وسترد على باله تساؤلات تراكمت عليها حقب من ظلم، وينبعث من تحتها مقاتل يمتشق بندقية ……… وستسميه إرهابي ……… وتنسى ما زرعته في نفسه.
نقول لك: كفى،،،،،،
صرخة تجلجل في سماء الدنيا الواسع .... تسمع الأموات ويلين لها الصخر،،،،،، فأين أنت من ذلك......
أظنك لست من الأموات جسداً ولكنك من فاقدي الإنسانية، وعديمي الرحمة.......
أخط هذه الرسالة باسم الطفولة الفلسطينية الحائرة ...... علها تستنهض هذا العالم الذي يدعي التحضر.
المكان: دنيا اللامنطق ( العالم المتحضر )
التاريخ: زمن اللامعقول ( الألفيـة الثالثة)